الذين لا يمشون على الأرض



كان "طارق" يعيش في شقة قديمة وسط المدينة، شقة صغيرة في الطابق الرابع، تطل على بنايات مهجورة وسقفها يشقّه صدع كأنه يبتلع السقف قطعة قطعة. لا شيء مميز... إلا صوت الخطوات. كل ليلة، عند الساعة 2:47 صباحًا بالضبط، يسمع خطوات فوقه. بطيئة، ثقيلة، منتظمة... لكن لا يوجد طابق فوقه. ظنّها في البداية صوت أنابيب، أو تهيؤات بسبب التعب، حتى سجلها يومًا بهاتفه. عندما استمع للتسجيل، لم يسمع خطوات... بل سمع صوتًا يهمس باسمه من داخل الغرفة نفسها، رغم أنه كان وحده. الصوت يقول: "نحن لا نمشي على الأرض، يا طارق... بل نمر عبرك." أخذ التسجيل إلى صديقه "آدم"، الذي كان مهتمًا بعالم الأرواح والمجال المغناطيسي. تفحّص آدم التسجيل، فلاحظ شيئًا عجيبًا: كان هناك ذبذبات تحت صوت الهمس تشبه نظمًا شِعريًا، بلغة غير معروفة. أرسلها إلى باحث مختص، فرد عليه بجملة واحدة: "احذف التسجيل فوراً، هذا ليس صوتًا بشريًا... هذا انعكاس طيفي لكائن لا يُفترض أن يكون في عالمنا." لكن طارق لم يحذف شيئًا. بل ازداد فضوله. وفي إحدى الليالي، عند الساعة 2:47، فتح نافذته، ووقف تحت السماء، متحديًا الصوت. فجأة… سكت كل شيء. لا صوت، لا هواء، حتى دقات قلبه بدت بعيدة. ثم رأى ذلك الظل. لم يكن له شكل محدد، لكنه كان يقف فوقه… نعم، فوقه مباشرة، لكن ليس على السطح، بل فوق الهواء نفسه. ذلك الظل لم يتحرك. فقط همس، داخل عقله هذه المرة: "أنت الآن تراهم... لكنهم دومًا كانوا يرونك." اختفى طارق بعد تلك الليلة. لم يُعثر عليه. لكن هاتفه ظل على الطاولة، وعليه تسجيل أخير: صوت خطوات... ثم صمت... ثم همس يقول: "دورك الآن."

تعليقات

المشاركات الشائعة