بت الحوش



في قرية صغيرة على ضفاف النيل الأزرق، عاشت عائلة في بيت طيني قديم. لم يكن يميّز ذلك البيت شيء، إلا أن الناس كانوا يمرون به سريعًا، لا يلتفتون. يقولون إن فيه بَتّ الحوش، روح أنثى تظهر فقط في الليالي التي يعوي فيها الكلب دون سبب، وتذبل فيها شجرة الليمون فجأة. يقولون إنها امرأة ماتت مظلومة في بيتها، ورفضت الرحيل. لم تُدفن، بل ابتلعتها الأرض داخل الحوش. منذ ذلك الحين، لا يُبنى بيت في تلك البقعة إلا وتُطفأ أنواره عند الثالثة فجرًا، وتُفتح الأبواب وحدها، وتُسمع أنفاس خلف الظهر. "نادر"، شاب من المدينة، قرر أن يشتري ذلك البيت ويعيد ترميمه. لم يكن يؤمن بالأساطير، وضحك حين قالت له الجدة أمونة: "لو شفت طيفها عند المراية، اقعد ساكت... لا تقول ليها حاجة، ولا تطالع فيها." في الليلة الرابعة من سكنه، استيقظ على صوت كركبة في المطبخ. دخل، ولم يجد أحداً... لكنه رأى باب المطبخ مواربًا، وخلفه مرآة قديمة لم يلاحظها من قبل. في تلك اللحظة، شعر ببرودة شديدة… ونظر للمراية. رآها. كانت تقف خلفه. وجهها نصفه محروق، نصفه الآخر جميل بشكل غريب، وعيناها ساكنتان. لم تتحرك. فقط همست: "رجعتَ لي... ليه اتأخّرت؟" ومن تلك الليلة، تغيّر نادر. صار لا يخرج من البيت، يهمس لنفسه طوال اليوم، ويبكي بلا سبب عند غروب الشمس. يقولون إن "بتّ الحوش" وجدت في نادر من يُشبه من قتلها. فقررت ألا تقتله… بل أن تسكنه.

تعليقات

المشاركات الشائعة