من كليلة ودمنة الى الذكاء الاصطناعي
من كليلة ودمنة إلى الذكاء الاصطناعي كيف نُسقط أصواتنا على غيرنا لقول ما لا نجرؤ عليه؟ منذ فجر الكتابة والإنسان يبحث عن وسيلةٍ آمنةٍ يقول بها ما لا يستطيع التصريح به علنًا. فكان ابن المقفّع في كليلة ودمنة يتحدّث بلسان الحيوانات ليعبّر عن فكرٍ سياسي وأخلاقي، لا يجرؤ على قوله بلسانٍ بشري خوفًا من بطش السلطان. كانت الحيوانات آنذاك أقنعةً للحكمة، وأدواتٍ للبوح المموَّه. واليوم، بعد قرونٍ طويلة، تغيّر القناع ولم تتغيّر الفكرة. فقد صار الذكاء الاصطناعي هو "الحيوان الرمزي" الجديد الذي نحمّله آراءنا ومخاوفنا وإحباطاتنا. نكتب عبارةً قاسية عن البشر، ثم ننسبها إلى "الآلة" كي تبدو أكثر صدقًا وجرأة، كأنّنا نحتاج إلى صوتٍ غير بشري ليقول الحقيقة التي نخشى أن تُحسب علينا. في زمنٍ يزدحم بالصوت والضجيج، لم يعد الإنسان يبحث فقط عمّن يسمعه، بل عن من يتكلم باسمه دون أن يُحاسَب هو. فالآلة لا تخاف، ولا تُلام، ولا يُقال عنها إنها حاقدة أو متشائمة. ولهذا تجد كثيرًا من الأقوال المتشائمة تُنسب زورًا إلى الذكاء الاصطناعي: "أنتم بشر أنانيون"، "أنتم سبب فساد الأرض"... وكأنّ ا...








